السودان الأسباب الحقيقية لتجدد النزاع
ما الذي يحدث في السودان .....؟!!الصراع بين حميدتي و برهان من اجل السلطة |
يشهد السودان منذ يومين إقتتالا شديد بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريعي RSF المسماة الجنجويد، و هذا على إثر تحرك هذه الأخيرة نحو العاصمة الخرطوم و محاصرتها لقاعدة جوية بالعاصمة تسمى قاعدة مروي و من ثمة قامت بمهاجمتها، و تعيش السودان حالة إضطراب و فوضى منذ الإطاحة بالبشير سنة 2019.
من الصعب فهم ما يحدث في الداخل السوداني بمعزل عن الإقليم، بل يمكن أن نقول في الوضع الحالي، أن ما يحدث في السودان هو ترجمة لصراع دولي، و بالضبط إمتداد للحرب الروسية في أوكرانيا في مواجهة الولايات المتحدة.
الجيش السوداني هو قوة عسكرية قوامها حوالي 200 ألف مقاتل، تحت قيادة الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة [على اليمين في الصورو] ، و هو شخصية لها ولائات للولايات المتحدة، إسرائيل و السعودية، و مصر، و التي تسمح بتواجد قوات مصرية لدعمها، خصوصا في ما يتعلق بدعم القوات الجوية السودانية.
أما عن الدعم السريع، فقوامها حوالي 100 ألف مقاتل، تحت قيادة الفريق أول حميدتي نائب رئيس المجلس السيادي [على اليسار في الصورة] ، الذي له ولاءات لروسيا.
و في ما يحظى الجيش السوداني بالدعم المادي من الدول السالفة الذكر، تمول قوات الدعم السريع وجودها من خلال إمتلاكها لعدد كبير من مناجم الذهب التي تستغلها بالشراكة مع روسيا و الإمارات.
و قد بدأت الإشتباكات منذ يومين عندما توجهت قوات الدعم السريع نحو العاصمة الخرطوم بعد أن بدأ الجيش منذ عدة أيام في محاصرة الدعم السريع و تطويقها في عدد من القواعد العسكرية.
تحرك الجيش السوداني لم يأتي لإعتبارت سياسية داخلية، بل تم الإيعاز له من الخارج، و هذا لسببين.
السبب الأول هو محاولة خنق روسيا التي تقوم بإستخلاص كميات ضخمة من الذهب السوداني، و التي تقوم من خلالها بتمويل حربها في أوكرانيا بعيدا عن سطوة الدولار.
السبب الثاني هو الدفع بالوضع للتعفن و تجنب مسارات التهدئة التي شهدتها السودان في السنة الأخيرة، و التي يرجح أن تؤدي إلى تشكل حكومة جديدة، حيث ترفض واشنطن ذلك، خوفا من تجسيد اتفاق روسي سوداني تم التحضير له في فترة حكم البشير، و المتمثل في انشاء قاعدة بحرية عسكرية/مدنية روسية في السودان، و لقد دفعت زيارة لافروف مؤخرا إلى الخرطوم بالإتفاق، ليقوم بوتين بالمصادقة عليه، أي أن تشكل حكومة شرعية سيضعها أمام حتمية الإمضاء على الإتفاق بضغط من حميدتي، لتكتسب بذلك موسكو موطئ قدم في البحر الأحمر الذي يعد منطقة جد حساسة تمر عبرها 30٪ من حاويات الشحن التجاري بالعالم، و قد أكدت مجلة foreign policy مرارا على قلق الساسة الأمريكان من هذه الخطوة مؤكدين على أنهم مستعدون للتصدي لإنشاء هذه القاعدة.
الملاحظ هنا أن خارطتي أحلاف الطرفين أكثر غموضا و تداخلا مما كانت عليه في السابق، فالبرهان، المعروف عبيه ميولاته الإخوانية، لا يبدو انه يحصل على أي دعم من تركيا أو قطر، كما أن الإمارات اليوم أصبحت تراهن على الطرفين، و الثابت الوحيد في هذه الأزمة، هي أني حميدتي مدعوم من روسيا و حريص على مصالحها في بلده، و البرهان يخدم الأجندا الغربية.
إن زعزعة السلم في هذه المنطقة الهشة، يفسر سعي العديد من الدول في الشرق الأوسط إلى وضع خلافاتها الثنائية جانبا و التوجه نحو تهدئة إستراتيجية تحرم الغرب من إشعال المنطقة، كما يقدم لنا صورة إستشرافية عن ما يمكن أن يحدث في ليبيا إذا ما قررت الولايات المتحدة إشعال محيطنا من أجل الضغط على الجزائر.
إرسال تعليق