∆ الإنقلاب العسكري في النيجر أسبابه وتداعياته
رغم أن الإنقلاب في حدث لأسباب شخصية (إمتعاض قائد الحرس الحمهوري من عزله)، إلا أنه أخذ على الفور أبعاد جيوسياسية خطيرة، قد لا يكون قادة الإنقلاب قد توقعوها، و ها هم اليوم أمام وضع صعب جدا، فدول منظمة الـ ECOWAS بدؤوا بالفعل في التضييق على النيجر و تسليط الغقوبات عليها، كما أن أربع4 دول أبدت استعدادها لشن عمل عسكري ضد الجيش النيجيري، و هذه الدول هي نيجيريا، السينيغال، ساحل العاج و البينين، قد يعتقد البعض أن تحرك الإكواس نابع من إملائات فرنسية، نعم هذا صحيح جزئيا، لكن هنالك دافع آخر، و هو منع امتداد عدوى الإنقلابات إلى بلدانهم، فقادة دول الإكواس يخشون أن الوضع الإجتماعي الهش الذي تعانيه كل بلدانهم جميعا، قد يدفع قادة عسكريين إلى الإقتداء بنظراءهم في مالي، بوركينافاسو، غينيا و إفريقيا الوسطى، و لهذا فإن وقف الدومينو الآن من خلال عمل عسكري تأديبي يعتبر خيارا جد عقلاني بالنسبة لهم.
و ما يثبت صحة السبب الثاني هو أن قادة كل من مالي، بوركينا فاسو و غينيا، قد صرحوا رسميا أنهم سيعتبرون أي تدخل ضد النيجر إعلان حرب ضدهم، مع العسك أن قادة هذه الدول الثلاث وصلو من خلال انقلابات عسكرية، بدعم روسي.
الأكيد هنا هو أنه لو حدث و صرحت منظمة الإكواس بالقيام بالعمل العسكري، فإن فرنسا هي من ستحرك الخيوط، حيث أنها ستدعم لوجيستيكيا و استخباراتيا تحركات الجيوش المعنية ضد النيجر.
و رغم دعم الدول الثلاث للنيجر، إلا أن النيجيريين لازالو لا يحسون بالأمان بعد، فالموقف الروسي مازال غير واضح، فقد أدانت روسيا الإنقلاب رسميا، لكن من يدري ما يدور في الخفاء، فقد تكون روسيا داعمة بشكل من الأشكال للإنقلابيين دون رغبة من الظهور، حذرا من اعتبار الغرب لهذا الإنقلاب (المدعوم روسيا) إمتدادا للحرب في امتداد لإنقلابات مالي و بوركينافاسو ، مما قد يعرض النيجر لعواقب جد وخيمة بحكم وسم فاغنر بصفة الإرهاب في عديد العواصم الغربية.
اليوم، قام الإنقلابيون بالإعلان عن اسقاط كل الإتفاقات العسكرية مع الفرنسيين، و قد رد الإيليزي بأن اسقاط الإتفاقات غير ساري، و الحكومة المخلوعة هي الوحيدة التي تملك الشرعية لإلغاء أي اتفاق.
ما أثارني و أثر في بعمق، هو حمل المتظاهرين النيجريين للعلم الجزائري، حمله اليوم له دلالتان، الأولى هو أن الجزائر تمكنت من ترسيخ فكرة كونها منارة للنظال التحرري، فهذا العلم يحمل أيضا من طرف الفلسطينيين المنتفضين، الصحراويين، و قد ظهر أيضا في مظاهرات للمعارضة السينيغالية.
الدلالة الثانية، هي رجاء الشعب النيجيري في تلقي الدعم الجزائري ضد ما بعتبرونه تمردا على الإمبريالية، لا ندري إن كانت المظاهرات عفوية أم منظمة من طرف الإنقلابيين، لكن هذا لا يهم كثيرا، ما يهم اليوم هو أن أنظار النيجر، شعبا و سلطة، متجهة إلى العاصمة الجزائرية، و هنا تطرح مسألتان، الأولى هي المسؤولية المعيارية، حيث وجدت نفسها أمام عدد من الخيارات، أحدها راسخ في مبادئها و قيمها، و هو دعم الشعوب المستضعفة ضد المستعمر.
أما المسألة الثانية، فهي حالة التناقض بين هذه القيم و المبادئ و بين القانون الدولي الذي يرفض اللجوء إلى الإنقلابات لنقل السلطة.
الكل يراقب الخطوة القادمة للجزائر، فزيادة على رجاء الشعب و السلطة في النيجر، و شعوب الدول الداعمة لسلطة الإنقلاب، أرسل اليوم رئيس نيجيريا مبعوثا خاصا حاملا رسالة للرئيس تبون، من المحتمل أن يدور فحواها حول محاولة استمالة الجزائر أو تطويع موقفها الرافض للعمل العسكري.
نقطة مهمة جدا، و هي أن قادة جيوش دول الإيكواس قد أتموا الإستعداد لعمل عسكري ضد النيجري، و هم اليوم ينتظرون انتهاء المهلة المحددة بالسادس أوت القادم، و هنالك عدد من الأسباب التي تجعل فرنسا تتردد في التدخل و تفضل تدخلا عسكريا للإكواس نيابة عنها.
أولا، منذ يومين، منعت الجزائر طائرة عسكرية فرنسية من المرور فوق التراب الجزائري، حيث قامت الطائرة بلفتين وسط البحر المتوسط قبالة الحدود الوطنية ثم عادت أدراجها، هذا يعني أن الجزائر ترفض التدخل، كما يعني أيضا أن أي عمل عسكري فرنسي سيكون كابوسا لوجيستيكي لها، حيث أن كل جندي أو كل قضيفة يجب ان تمر عبر مصرو التشاد لتصل إلى أرض المعركة.
أما السبب الثاني، فإن أي عمل عسكري سيزيد من الكره الفرنسي le sentiment anti-français مما سيعجل و يزيد أكثر وتيرة انتفاض الشعوب الإفريقية على فرنسا، و عليه فسفك الأفارقة لدماء بعضهم أهون و أصون للمصالح الفرنسية في القارة الكحلاء.
إرسال تعليق