اليقظة.. كقاعدة انطلاق لله تعالى ؟
لنتخيل أنك عدت من عملك متأخراً بعد أن نام الجميع فغيرت ملابسك وأعددت لنفسك بعض الطعام ثم نمت دون أن تنتبه لأسطوانة الغاز التي نمت دون أن تغلقها جيداً. نمت ثم استيقظت فجأة حينما خنقتك رائحة الغاز التي ملئت أرجاء المنزل -فتقريبا أسطوانة الغاز أفرغت كل ما فيه- هذه اللحظة حين تستيقظ ما هو الشعور الذي سيمر بك؟ ستسرع مذعوراً للسيطرة على الأمر قبل أن يخرج عن نطاقها بإغلاق أسطوانة الغاز وإيقاظ الزوجة والأولاد وإخراجهم من المنزل سريعاً وفتح كل النوافذ وتحذير الجميع من إشعال أي لهب لأن ذلك ستكون نتيجته مأساوية جداً جداً.
ما هو الشعور الذي سيمر بك حينما تتخيل أنك ربما في أقل من لحظة قد تموت أنت وزوجتك وأولادك غير البيت الذي سيصبح كومة من تراب إضافة للخراب الذي قد يمتد لبيت أهلك فضلاً عن جيرانك؟ أعتقد أنه سيمر بك كم مشاعر رهيبة من الانزعاج والذعر والفزع والهلع والاضطراب والقلق حينما تستيقظ من نومك على هذه المصيبة أو بعبارة أخرى حينما تفوق من غفلتك التي كانت من الممكن أن تؤدي لكارثة مروعة. فأتخيلك وأنت تجري كالمجنون للسيطرة على الأمر المحتدم الذي تسببت فيه دون قصد منك.
هذه المشاعر التي ستمر بأي أحد منا وضع في الموقف السابق هي نفس المشاعر التي ستمر بأي عبد منا رزقه الله اليقظة؛ حيث أن اليقظة رزق من الله تعالى ويتجلى ذلك في الحديث الذي سمعه جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم )أنه قال: "مر رجل ممن كان قبلكم من بني اسرائيل بجمجمة فنظر إليها وقال: اللهم أنت أنت وأنا أنا، أنت العواد بالمغفرة وأنا العواد بالذنوب فاغفر لي وخر علي جبهته ساجداً فنودي: أنت العواد بالذنوب وأنا العواد بالمغفرة قد غفرت لك فرفع رأسه وغفر الله له". فهنا الرجل كان مقيم على المعصية مستقر على الغفلة ثم سافر لحاجة يقضيها مثلنا تماماً فمر بهذه الجمجمة التي أيقظت قلبه وألهبت وجدانه والتي عليها تغير مسار حياته. فإذن اليقظة رزق من الله تعالى لأنه عليها تقوم باقي المقامات والأحوال التي لم يكن للعبد أن يصل إليها دون هذه اليقظة لذا فمن يرد الله به خيراً يرزقه إياها وييسر له أسبابها.
إرسال تعليق