بتعقب كلمة (ضرب) في القرآن الكريم تكتشف سهولة ويقين أن ضرب النساء المذكور في القرآن لا يمكن أن يعني الاعتداء الجسدي أو الإهانة
ولعدم عقلية الفكرة فسر بعض المفسرين الآية أن المقصود بالضرب هنا هو الضرب بالسواك أو الوغز الخفيف الغير مبرح الذي لا يكسر ضلع أو يقطع جلد
وهو تفسير قاصر ومحاولة بائسة لتأويل على الله تعالى مع إن الإجابة مذكورة في القرآن وبوضوح شديد
للأسف هذه التفسيرات الفاسدة اعتبرها بعض العامة والجهلاء شرعية للاعتداء الجسدي على زوجاتهم وظلم المرأة والتكبر عليهم والله برئ مما يفعلون
فديننا الإسلامي أمرنا بعدم إيذاء قطة أو حيوان أو شجرة لا يمكن أن يسمح بالاعتداء الجسدي أو مجرد إهانة الأم والزوجة والأخت والابنة مهما أخطأت ومهما بلغ الخلاف معها
إذن ماذا قصد الله بهذه الآية؟
من خلال المعرفة البسيطة في اللغة العربية وتطوّرها وتفسيرها فإن المقصود بلفظ "واضربوهن" ليست بالمدلول الفعلي للضرب باليد أو العصا لأن معنى الضرب في اللغة العربية كما ورد في القرآن الكريم كما سنذكر بعد قليل يعني "المباعدة"
وهنالك آيات كثيرة في القرآن تتابع نفس المعنى للضرب أي المباعدة:
{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى} طه ٧٧
أي أفرق لهم بين الماء طريقاً.
{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} الشعراء ٦٣
أي باعد بين جانبي الماء.
{لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ} البقرة٢٧٣
أي مباعدة وسفر وهجرة إلى أرض الله الواسعة.
{وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ}المزمل٢٠
أي يسافرون ويبتعدون عن ديارهم طلباً للرزق.
{فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ} الحديد ١٣
أي فصل بينهم بسور.
ويُقال في الأمثال (ضرب به عُرض الحائط) أي أهمله وأعرض عنه.
وفي المعاجم وكتب اللغة والنحو لو تابعنا كلمة ضرب لنرى مثلاً في قول:
(ضرب الدهر بين القوم) أي فرّق وباعد بينهم.
و(ضرب عليه الحصار) أي عزله عن محيطه.
و(ضرب عنقه) أي فصلها عن جسده.
ولدينا كلمات نمارسها ايضا
كأضرب عن الطعام اى امتنع عنه وتركه
والاضرابات فى الجامعات او المعامل مثلا فكل معناها هى ترك العمل او الدراسة
فالضرب إذن يفيد المباعدة والانفصال والتجاهل.
وبذلك نفهم أن المقصود بالآية من خلال القرآن نفسه أن الله قصد عند الخلاف مع المرأة عدم إجبارها أو قهرها أو حتى كثرة مجادلتها ولكن الاكتفاء بالابتعاد عنها منعا لتصاعد الخلاف حتى يتم حله أو تسريح بإحسان ومعروف
فالمعنى المقصود بالآية "فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ"
فالآية تحض على الوعظ ثم الهجر في المضجع، وإن لم يُجْدِ ذلك ولم ينفع ، فهنا (الضرب) بمعنى المباعدة والهجران والتجاهل ، وهو أمر يأخذ به العقلاء وهو سلاح للزوج والزوجة معاً في تقويم النفس والأسرة والتخلص من حالة الغضب التي تهدد كيان الأسرة التي هي الأساس المتين لبناء المجتمع..
فالله الذي أوصى نبيه بتعليم الناس الأخلاق وتهذيب النفس برئ من أن يكون سمح بالاعتداء الجسدي أو مجرد إهانة الرجل للمرأة
وإن هذا التفسير الفاسد لهو من بقايا عادات المجتمع البدوي الذي تم اقحامه على الدين عن قصد أو جهل لتشويه الدين وإفساد المجتمع
#صلح_أفكارك_الفاسدة
إرسال تعليق